بقلم: المستشار السياحي/ محمد بن خليفة البوعينين
يشرفني في إطلالتي الأولى عبر صحيفة صوت الشرقية الغرّاء أن أقدّم سلسلة مقالات عن الوجهات السياحية في الساحل الشرقي في المملكة العربية السعودية، نعرّف من خلالها بمدن المنطقة وما تزخر به من تاريخ وموروث، ونرشد الزائر إلى أجمل الأماكن لقضاء وقته والتعرف على أصالة المكان.
ومع اعتدال الأجواء واقتراب موسم الشتاء، الذي يُعد الأجمل للسياحة الداخلية، تتهيأ الشرقية لتفتح ذراعيها لزوارها من المواطنين والمقيمين وضيوف المملكة والسياح من دول الخليج والعالم. وفي هذا التوقيت تحديدًا، يبرز دور الإعلام السياحي في تسليط الضوء على مقومات المنطقة، وتنشيط حركتها السياحية، وإثراء تجربة الزائر.
إننا هنا أمام تجربة سياحية متفردة، حيث يلتقي البحر بالصحراء، ويجتمع التاريخ العريق مع النهضة الحديثة، لنقدّم للزائر لوحة متكاملة من الجمال والهوية والأصالة.
مدن تتكامل.. ووجهات تتنوع
الدمام .. عاصمة الساحل ونبض الشرقية
تتربع الدمام على عرش المنطقة الشرقية باعتبارها العاصمة الإدارية والميناء الأضخم الذي يشكّل شريانًا حيويًا للمملكة على الخليج العربي. تحتضن المدينة البحر بكورنيشها الممتد الذي يُعد من أجمل الواجهات البحرية في المملكة، وتزخر بأسواقها الشعبية التي تحمل عبق الماضي كسوق الحب وسوق الحساوية وسوق البحرين وسوق عيال ناصر، فضلًا عن المتاحف التي تحفظ ذاكرة المكان وتروي حكايات الإنسان الشرقي عبر العصور.
الخبر.. مدينة الحاضر والمستقبل
تمثل الخبر الوجه العصري للمنطقة الشرقية، حيث تمتاز بشواطئها الساحرة وكورنيشها المتجدد، إضافة إلى مراكزها التجارية العالمية ومرافقها الحديثة. الخبر أيضًا تُعد ضمن المدن المستهدفة في رؤية المملكة 2030 لتكون من أفضل مدن العالم للعيش، ما جعلها في سباق دائم نحو التطوير ومشاريع البنية التحتية التي تعكس نهضة حضرية متواصلة.
القطيف.. تاريخ الاستيطان وحضارة الإنسان
في القطيف يلتقي التاريخ بالحاضر، فهي أرض الحضارة والثقافة والإنسان الراقي المتحضر. تاروت بتاريخها العريق، ودارين التي اشتهرت قديمًا كميناء للؤلؤ والمسك والعنبر، إلى جانب قصص جاوان مع صفوى التي تروي صفحات من الإرث الإنساني. أما بقية القرى والمناطق فقد عُرفت بعيونها وزراعتها وقلاعها المتفردة مثل قلعة القطيف وقلعة الميالة في عنك. وتُعد مسورة العوامية اليوم منارة حضارية وتحفة معمارية وملتقى ثقافي بارز. كما لا يمكن الحديث عن القطيف دون ذكر سوق السمك العريق والأسواق الأسبوعية الشعبية التي يقصدها الزوار من كل أنحاء المنطقة.
الجبيل.. تاريخ البحر وصناعة المستقبل
الجبيل مدينة مزدوجة الملامح تجمع بين التاريخ والحداثة، بين البحر والجبل، وبين شموخ الإنسان وصموده أمام التحديات. فهي تحتضن شواطئ عائلية ومنتزهات وواجهات بحرية جميلة، وفي الوقت نفسه تقف شامخة كمركز صناعي عالمي يعكس قصة النهضة السعودية الحديثة.
النعيرية .. عاصمة الربيع مقصد “المكشات”
النعيرية تكتسب مكانتها كعاصمة للربيع وملتقى لعشاق “الكشتات”، حيث تفتح مساحات الفجاج الواسعة أمام الزوار لتجارب السفاري والتخييم وسط أجواء بدوية أصيلة. وتبقى الرمال الذهبية واكتساء المنطقة باللون الأخضر في الربيع وزهورة الملونة هو ما يميز المدينة في هذا الموسم وأبرز ما يجذب الباحثين عن المغامرة والهدوء، لتكون النعيرية محطة مفضلة لعشاق الطبيعة البكر وروح البداوة.
الشرقية.. هوية ممتدة عبر التاريخ
الشرقية ليست فقط موقعًا جغرافيًا على الخليج العربي، بل هي ملتقى حضارات وتاريخ ممتد من دلمون إلى حضارة الجرهاء وتاروت والقطيف. معالمها الأثرية، وأسواقها التقليدية، وفنونها الشعبية، كلها تشكل هوية سياحية أصيلة تعبّر عن ثقافة مجتمع متسامح ومنفتح على العالم.
وعليه، فإنني أدعو الجميع لاكتشاف هذا التنوع الساحر في شتاء هذا العام؛ من المواطنين والمقيمين، ومن أشقائنا في دول الخليج وضيوف المملكة من العالم. فالشرقية بمزيجها الفريد من البحر والصحراء، ومن التراث والحداثة، ومن الزراعة والصناعة، تفتح ذراعيها لتقدم تجربة سياحية متكاملة تبقى عالقة في الذاكرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكراً لتعليقك واهتمامك