جزيرة أرواد: من الخليج العربي إلى البحر المتوسط




تقع جزيرة أرواد (أرادوس) على بُعد 3 كيلومترات من شاطئ طرطوس، بمساحة تقارب 20 هكتار، وهي الجزيرة الوحيدة المأهولة في سوريا، مما يمنحها تفرّدًا سياحيًا وتاريخيًا.




البدايات الفينيقية بين الخليج العربي والبحر المتوسط



تشير المصادر التاريخية القديمة إلى أن الفينيقيين لم تكن بداياتهم الأولى على سواحل المتوسط، بل في الخليج العربي. فقد ذكر بلّيني وسترابو وبطليموس جزيرة تُسمّى أرادوس في الخليج، تقع بجوار الجزيرة الأم تايلوس (البحرين الحالية).


  • أرادوس الخليجية هي ما يُعرف اليوم بجزيرة المحرّق في مملكة البحرين.
  • أما تايلوس فهي جزيرة البحرين الأم التي اشتهرت باللؤلؤ والمعابد الفينيقية.



هذه الروايات تدعم ما ذهب إليه كثير من العلماء بأن الموطن الأصلي للفينيقيين كان في الخليج العربي، ومنه انتقلوا عبر البحر إلى الساحل السوري، حيث أسسوا مملكة أرواد (أرادوس) المتوسطية، التي سرعان ما أصبحت قوة بحرية كبرى بأسطولها وتجارتها وثقافتها.


وبذلك نرى أن هناك جسرًا حضاريًا بين جزيرة المحرّق (أرادوس الخليجية) وجزيرة أرواد (أرادوس المتوسطية)، يمثل انتقال الفينيقيين من الخليج إلى الشام ونشرهم لثقافتهم البحرية والتجارية.




الآثار والمعالم في أرواد المتوسطية



تزخر أرواد السورية بالمعالم التي تعكس هذا العمق التاريخي:


  • القلعة الصليبية والإسلامية التي تحولت إلى متحف محلي.
  • السور الفينيقي العظيم وأبراجه مثل البرج الأيوبي والأحمر.
  • النقوش اليونانية والرومانية واللقى الأثرية التي تؤكد تعاقب الحضارات.
  • الميناء القديم المكتشف قبالة الساحل، والذي يضم بقايا منارات وأعمدة ومرافق هيدروليكية تعود للقرن الأول الميلادي.





الحياة في أرواد اليوم



يسكن الجزيرة نحو 10 آلاف نسمة، يعمل أغلبهم في:


  • صناعة السفن الخشبية بدقة عالية وبلا مخططات مكتوبة.
  • صيد السمك وصناعة شباك الصيد.
  • صناعة الصدف التي تنتج تحفًا وأساور وأيقونات وثريات تلقى رواجًا بين السياح.



كما تضم الجزيرة مدارس، مركزًا صحيًا، متحفًا، ومطاعم ومقاهي تطل على الميناء، لتستقبل آلاف الزوار خصوصًا في الصيف.




المناخ والطبيعة



مناخها متوسطي بحري، معتدل شتاءً وحار نسبيًا صيفًا، مع رطوبة عالية تصل إلى 90٪ في الصيف. وتحيط بها جزر صخرية صغيرة تُعرف باسم بنات أرواد، معظمها غير مأهول.




منبع الماء والحياة



افتقرت أرواد إلى ينابيع سطحية، فكان الأرواديون يجمعون مياه الأمطار أو يستخرجون المياه العذبة من “الفوارات” في البحر. وفي القرن العشرين حُفرت الآبار ثم نُقلت إليها مياه نبع السن، ما أنهى أزمة المياه نهائيًا.




أرواد اليوم: شاهد على الاستمرارية الحضارية



تُطل أرواد اليوم على طرطوس بسورها القديم وقلعتها ومينائها المزدحم بالقوارب، وتظلّ شاهدة على رحلة الفينيقيين الطويلة من الخليج العربي (أرادوس المحرّق – تايلوس البحرين) إلى المتوسط (أرادوس السورية).

وهكذا، فإن الجزيرة ليست فقط وجهة سياحية ساحرة، بل حلقة وصل تاريخية تُثبت أن الفينيقيين انطلقوا من الخليج العربي، ليؤسسوا حضارة بحرية امتدت على سواحل المتوسط، وجعلت من أرواد السورية الجوهرة الفينيقية الخالدة.

تعليقات

السياحة والتاريخ

" آنسي .. Annecy "

أين تذهب في أبها البهية ؟

"الفينيقيين .. من الخليج إلى البحر المتوسط"

مشيرب قلب الدوحة

دولة (فرخشنيط) الاسلامية في قلب أوروبا

قصة "موسى" في التوراة

ماذا تعرف عن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" .. ؟

عين السيح .. مدينة الخُبَر في المملكة العربية السعودية

جبيل ..

أهمية تطبيق تقنية الحواس الخمس من المرشد السياحي تجاه السياح